--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي،
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
الأشقاء والأصدقاء الضيوف الكرام،
ونحن نجتمع اليوم في بلدة التفاريتي، في الأرض الصحراوية المحررة، للاحتفال بالذكرى الواحدة والثلاثين لقيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، الجامعة لإرادة كل الصحراويين، اسمحوا لي أن نقف وقفة تذكر واحترام على روح الشهيد الولي مصطفى السيد، مفجر الثورة، الذي أعلن عن قيام الدولة الصحراوية غير بعيد من هذا المكان، يوم 27 فبراير 1976، وعلى أرواح كل شهداء القضية الوطنية، الذين رووا بدمائهم الطاهرة هذه الربوع العزيزة.
وإذ نترحم على شهيدي انتفاضة الاستقلال، لمباركي حمدي ولخليفي ابا الشيخ، فإننا نقف وقفة أخرى، ملؤها الإكبار والتقدير، أمام مجموعة من الأبطال الذين استرخصوا أرواحهم من أجل الحرية والكرامة وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال.
فتحية إلى ابراهيم الصبار، يحظيه التروزي ، هدي محمود الكينان، أحمد السباعي، مولاي عمر بن اليزيد، الحافظ التوبالي، بشري بن طالب، غالي الزيغم، مولاي الشيخ بن علال، محمد سالم بهاها ، محمد مولود الحجاج، عبد السلام ديدة، أحمد سالم أحميدات، محمد لحبيب الكاسمي، عبد السلام اللومادي ،شوبيدة العروصي، بنكة الشيخ ، الوالي اميدان، اللومادي سعيد ، عبد الله علي سالم حسان، ابراهيم علي لحسن كجوط، سلامة مولود ابراهيم لحمام، ادريس مولاي ، فراجي المنصوري، محمد سويلم محمد العبد التامك، اجدي الحسين، حمدي احمد فال امبارك لبيض، البشير يحظية ، عبدالله ناجيع، شيبتة ولد زدف المدافع ، لكوارة تقي الله، الشيخ والاب عمارولد حمودي ولد المخطار، السالك لعسري، أميدان الصالح، محمودامبارك الشيخ ابو القاسم ، بوعنان محمد، عبد الجليل المجاهد، لطفي مولود.
إنهم كوكبة من أبطال انتفاضة الاستقلال المباركة التي تخوضها جماهير الشعب الصحراوي في الأرض المحتلة وجنوب المغرب ضد الغطرسة والظلم والاحتلال المغربي، اختارت أن تخوض إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ أسابيع عديدة، في السجن لكحل في العاصمة الصحراوية المحتلة، العيون، وفي أنزكان وتيتزنيت وآيت ملول والقنيطرة في المملكة المغربية. ورغم أبشع أنواع الترهيب والتعذيب وصنوف التحقير والإهانة، ورغم حالتهم الصحية المتدهورة والتي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فإنهم صامدون يكابدون المعاناة في أنفة وكبرياء.
السيدات والسادة،
يشكل انعقاد الندوة الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي في مدينة التفاريتي، في الأراضي الصحراوية المحررة، حدثاً بالغ الأهمية وعميق الأبعاد والدلالات.
كما يتميز هذا العام بتنظيم ندوة البلديات المتوأمة مع البلديات الصحراوية الذي سيعكف على دراسة آفاق التعاون ليس فقط مع مخيمات اللاجئين، بل مع البلديات المحررة من الجمهورية الصحراوية.
كما أن تنظيم مختلف مراحل وأصناف " الصحراء ماراتون "، مترافقاً مع هذه المناسبة، وامتداده إلى الأراضي المحررة، ليشكل نقلة نوعية في تعميق وتنويع التضامن والتآزر مع كفاح الشعب الصحراوي.
وفي وقت تبادر فيه الجمهورية الصحراوية إلى التخلص من مخزونها من الألغام المضادة للأفراد، حيث تشهد منطقة التفاريتي تفجير الجزء الثاني من هذا المخزون، كالتزام منها بما وقعته من معاهادات بهذا الخصوص، وتأكيداً منها لرغبتها الصادقة في تحقيق السلام العادل، على أساس احترام قرارات الشرعية الدولية، فإن الحكومة المغربية لا تزال تواصل رفضها تطبيق هذه القرارات، وتنكرها لالتزاماتها، وانتهاكها لحقوق الإنسان.
فغير بعيد من هذا المكان، تجثم جريمة ضد الإنسانية اسمها جدار الذل والعار، جدار الرعب والتشتيت الذي تقيمه الحكومة المغربية، والذي يقسم الصحراء الغربية أرضاً وشعباً بمئات الآلاف من الجنود وترسانة ضخمة من الأسلحة والمعدات العسكرية وملايين الألغام المضادة للأفراد التي ما فتئت تحصد الأرواح البشرية البريئة. إنه ليس سوى مثال بشع على واقع استعماري بغيض ومرفوض، على العالم أن يسارع إلى إنهائه.
إن التضامن الدولي، والذي انطلق مع البدايات الأولى للمأساة الناجمة عن الغزو المغربي لبلادنا، يواجه اليوم تطورات خطيرة، سواء على مستوى الوضع الإنساني والحقوقي في الاراضي الصحراوية المحتلة أو على مستوى الوضع الغذائي في مخيمات اللاجئين. إنه لمن العارأن تحول بعض الأطراف دون نشر تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول الصحراء الغربية بصفة رسمية، أو أن تسعى جاهدة إلى تقليص الدعم الإنساني الموجه لللاجئين الصحراويين لممارسة الضغط السياسي عليهم، قصد إجبارهم على التخلي عن حقهم في العيش فوق وطنهم في حرية وكرامة.
السيدات والسادة،
لقد مرت إحدى وثلاثون سنة من بناء وتشييد صرح الدولة الصحراوية، التي أصبحت اليوم حقيقة قانونية ومؤسساتية لا رجعة فيها، وواقعاً وطنياً وجهوياً ودولياً وعامل توازن واستقرار في المنطقة. إن كفاح الشعب الصحراوي وصموده البطولي لم ولن يذهب سدىً. فاليوم، أكثر من أي وقت مضى، تتجلى صورة الاستمرارية والتواصل، عبر الأجيال الجديدة التي فاجأت المستعمر المغربي وهي تنتفض ضد الاحتلال بعزم وشجاعة وإصرار، حتى في تلك المواقع التي ظل يعتقد أنه سيطر عليها، أرضاً وسكاناً، طوال أكثر من ثلاثين سنة.
لم يكن الشعب الصحراوي في يوم من الأيام أكثر وحدة وانسجاماً والتفافاً حول طليعة كفاحه، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وتشبثاً بخياراته الوطنية، في كل مواقع تواجد الصحراويين، هناك في الأرض المحتلة، وهنا في الأراضي المحررة، وفي مخيمات العزة والكرامة، وفي جنوب المغرب، وفي المواقع الطلابية الصحراوية في الجامعات المغربية، وفي الجاليات والأرياف وفي كل مكان.
إنها وحدة وطنية تتعزز وتتقوى وتزداد اتساعاً وشمولية يوماً بعد يوم، وتلتئم حول علم الجمهورية الصحراوية الذي يرتفع خفاقاً في كل مواقع تواجد الصحراويين. وإنه إصرار لا حدود له لشعب يعي جيداً حقوقه المقدسة ويتشبث بها، ومعه القانون والشرعية الدولية، ومعه سجل ناصع من الكفاح النظيف الشريف، ومعه زخم تضامني عالمي، جسده اليوم هذا الحضور الباهر لممثلي الدول والحكومات والحركة التضامنية الدولية الواسعة.